السبت، 7 أغسطس 2010

إحـتبـاَسٌ حَـضَاري


حَيرةٌ عميقةٌ تلكَ التي تعمّر في مَلامحنَا كلّما حدّقنَا بمرآة الحَياة التي يُريدُونهَا لَنَا,لَا لشَيء إلاّ ليقذفُوا أيامهَا المتغَطرسةَ فوقَ رُكَام زَمَن أَثخَنَتهُ شوَائبُ دَهر ترسبت في قَعره,و أرهَقَتهُ مصائبُ عصر طَفَت عَلَى سَطحه...






رُكامٌ كَانَ سبيلاً لأقزام كَي يترنّحٌوا طرباً لعثرَة الكبَار....
و رَغمَ شدة وطأة أنيننَا...
و رغمَ حدّة صَخَب طَرَبهم...
لـَم يرحَمنَا شيء...
حتّى الكَلمَات...
كلمَاتٌ لم تنفَك تَنهَالُ عَلينَا بصَرعاتهَا المتبجحة كل حين لتُغري عُيوناً اضمحل سحرُهَا فهَرولَت تَبحثُ عن أي بريق يُطلّ في الأفُـق..
كلماتٌ ارتَدت حُللاً بمَقاسات و موديلات مختلفَة لتكسُو عقولاً بأوزان و قامَات مُختلفَة...
فهيَ كلّما هبّت عَلينَا نفحَات تاريخ مرصّع بالمَجد لتوُقظَ غيرَة شلّت جوَانحُها طويلاً,طَلعَت علَينَا بصرعَة شتويّة جَامدة مجمِّدة تَحتَ وشَاح مُكَافحَة الإرهَاب..
و كلّمَا انهمَرَت زخات أمَل بنَصر موعُود لتَروي قيمًا قَحَطَ زرعُهَا طويلاً,طَلَعَت عَلينا بصَرعة صيفية حارة متكشّفة ببَدلة معادَاة الساميّة...
و كلّما التهبَت لَفحَات جراَح نكَأتهَا الآلاَم لتُوقدَ ناراً خَمدَ ضرَامُهَا طويلاً,هرعَت إلينا متوسلة بلبَاس حوار الحَضارات...
فهيَ دائمًا عندَ موقِع الحَدث,كاسيةً عاريةً,مائلَةً مُميلةً,لتُخدِّر عُقُولاً حاضرةً مُحتَضرَةً في صالَة عَرضِها المُزدَحمَة...
لَــكن...
عندمَا يُصبحُ صَدَى الأنين أصخَبَ بكثير من ضَجيج الصَّفير لَهَا..
و عندمَا يُذعرُ الألم العُيُون فتُشيحُ بنَظَرهَا عَنهَا ....
و عندَمَا تُحَاول دونَ جدوى ارتدَاء كل صَرعَاتها لتُعيدَ الأبصارَ خاسئةً إليهَا...
و عندَمَا يعجَز كل مصممو أزيائهَا و يَخذُلُهَا كل مَا لَديهَا...
و عندمَا تُصبحُ صَالَةُ عَرضهَا مجرّدَ كوميديَا انقَلبَ سحرُهَا عليهَا...
لن يكونَ لهَا حل آخر سوَى وضعُ
فَـــاصِل إشهَـــاري...
و أيّ فَاصلٍ سيَكُونُ أكثَرَ لبَاقةً من
الإحـتِبَاس الحَـــرَاري...
يَا لسُخريّة الكَلمَــات....
أهُوَ احتبَاسٌ حرَاري أم احتبَاسٌ حَضَاري؟؟؟...
أ هُوَ ارتفَاعُ درجَة الحَرَارَة في منَاطق معيّنة منَ الأرض؟؟؟..
أم ارتفَاعُ درجَة الحَضَارَة في منَاطق معيّنة منَ الأرض؟؟؟..
ألَم يَكُن الأجدَر بهم بدلاً من رَفع شعَار – يداً بيَد لنُنقذَ جَميعُنَا الأرض--؟؟؟..
أن يقُولُوا – يداً بيَد لنمتَلكَ وحدَنَا كل مَا في الأرض--؟؟؟..
ألَم يَكُن الأنسَبُ لَهُم بدلاً من التحذير من ذَوبَان القطب الشمالي,أن يُحذِّروا من ذَوبَان حضَارَة القُطب الشمالي؟؟...
مَن الأكثَرُ خُطُورةً لَنَا يا تـُرَى؟؟..
أتَوسّعُ مسَاحَة ثُقب الأوزُون؟؟..
أم تَوسّع مسَاحة كيَان بَني صُهيُون؟؟..
مَن الأكثَرُ و حشيّةً لَنَا يَا تُرَى؟؟..
أغَرقُ الأرض بارتفَاع منسُوب المَاء؟؟..
أم غرقُ الأرض بارتفَاع منسُوب الدمَاء؟؟..
اعذُرُونا لكن فَاصلَكُم الإشهَاري غَيرُ مقنع إطلاقاً...
فابتسَاماتُكُم التهمَتهَا أنيَابُُكُم فَلَم نعُد نَرَاهَا..
و إنسانيّتُكُم قَصَفَتهَا أطمَاعُكُم فَلَم نَعُد نَلمَحُهَا..
أمّا كلمَاتُكُم فقّد فَضَحَتهَا أوزارُكُم فَلَم نعُد نُصدّقُهَا...
و بذلكَ كفَرنَا بمَا قَلتٌم وبمَا ستقُولُون , و بمَا كتَبتُم وبمَا ستكتُبُون...
و بذلكَ آمنّا بكلماتنَا و إن لَم تُنطَق,و بكتاباَتنَا و إن لَم تُكتَب, و بمُستَقبلنَا و إن كانَ مَازالَ مُجمَّد...

0 التعليقات:

إرسال تعليق