الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

"السُّلطَةُ الخَامِسَة "... فُرصَتُنَا الأخيرَة ..(2):* د َلاَلَةُ رَقم....وَ إ لحَاحُ حَاجَة:



* د َلاَلَةُ رَقم....وَ إ لحَاحُ حَاجَة:

السّلطَة الخَامِسَة مُصطَلَحٌ غَضٌ أطلِقَ حَديثاً عَلَى يَدِ الصُّحفي الإسبَاني "إغناسيو رموني"،ليُتِمَّ بِذلِكَ تَرتيب السّلُطَات الكلاسيكيّة الثلاَث التي صنّفَهَا البارون الفرنسي "دي مونتسيكيو" وَ هيَ ،التَنفيذِيَّة والتشريعِيَّة وَ القَضَائيَّة،والسّلطَة الرّابِعَة التي تتَمثّلُ في الإعلاَم المَرئي وَ المَكتُوب.
أمّا السّلطَة الخَامِسَة فَهِي تُطلَقُ عَلى الإعلاَم الجَديد أو الإنترنت بكُلِّ مَا يَحمِلُهُ مِن مُحرِّكَات بحث ، وَ شَبَكَات اجتِمَاعيَّة ) الفايسبوك ،تويتر ، المدونات..(..
وَ يَرى الصحُفي "اغناسيو رمونه" في دِرَاسَة قَام بِهَا ،وَ نُشِرَت في جَريدَة "لومند دبلوماتيك"،انَّ إنشَاء سُلطَة يَتحِدُ فيهَا المُواطِنوُن صَارَ حَاجَةً مُلِحَّة فِي وَجهِ تَجَاوزَات السُّلطَات الثَّلاث التّقليديَّة، التّشريعيَّة والتَّنفيذيَّة وَ القَضَائيَّة سَوَاءً كَانَت في دُوَل ديكتَاتُوريَّة أو حتىّ ديمُقراطِيّة.
إذ يَقُولُ مُشيراً إلَى هَذِه التجَاوزَات:
" والأَمرُ قَابلٌ لِلحُدُوثِ طَبعًا فِي الدُّوَلِ التَسلُّطيَّة والديكتَاتُوريَّة أكثَر مِن غَيرِهَا حَيثُ تكونُ السُّلطة السِّيَاسيَّة هِي المَسؤوُل المَركَزي عَن إنتِهَاكَاتِ حُقُوقِ الإنسَان كافَّة وَالتَّضييقِ عَلىَ الحُريَّات".
كَمَا لاَ يَغُضُّ الطّرفَ عَلى تَجَاوُزَات تَحدُثُ في الدُولِ الديمُقرَاطيَّة قائلاً:
"لَكِن يُمكِنُ أيضاً أن تُرتَكَبَ تَجَاوُزَاتٌ خَطيرَة فِي البُلدَان الديمُقرَاطيَّة بِالرَّغم مِن أنَّه يَتِم التَصويتُ ديِمُقرَاطيًا عَلَى القَوَانين وَ تَنبُع الحُكُومَات مِنَ الاقتِرَاع العَام وَالقَضَاء مُستَقِل ـ مَبدَئيًا ـ عَن السًّلطَة التَّنفيذيَّة. فَيَحدُثُ مَثَلاً أَن يَحكُم القَضَاءُ عَلَى بَريء ،وأن يُصوِّتَ البَرلمَان عَلَى قَوَانِينَ تَميِّزُ بَينَ مُختلَفِ فِئَات الشَّعب (كَماَ حَصَل فِي الوِلاَيَات المُتَحدَة طِواَل أَكثَرَ مِن قَرن بِحَقِّ الأمريكِيين مِن أصلٍ إفرِيقي وَ كَمَا يَحدُثُ اليَومُ بالنِّسبَة لِمُوَاطِنِي البُلدَان الإسلَاميَّة عَملاً بِقانون Patriot Act) وأن تَعتَمِد الحُكُومَات سِيَاسَات جَائرَة بِحق قِطَاع مِن المُجتَمَع (كَمَا هِي الحَالُ اليَومُ فِي العَديدِ مِنَ البُلدَانِ الأوروبيَّة ضِد المُهَاجِرين "غَيرِ الشَّرعيِّين")".

*رَ ابِعُ سُلطَة.... قَفزَةٌ إلىَ الضِفَّةِ الأخرَى:

لَطَالَماَ كَانَت السّلطَة الرّابِعَة بِصَحَافَتِهَا وَ وَسَائلِ إعلاَمِها وَليدَة الشّعوبِ التي كَدَحَت كَثيراً فيِ صِنَاعَتِهَا ،لِتُعوِّلَ عَلَيهَا فيِ كَبحِ جِمَاحِ السّلُطَات التقليديّة..
وَ لَطَالَما اعتَبرَ الصَّحَافيُون وَ وَسَائلُ الإعلاَمِ أنَّ مِن وَاجِبِهِم التَّصدِّي لأيِّ خَرقٍ لِحُقوقِ الإنسَان فيِ أيِّ مَنطِقَةٍ مَا في العَالَم ،وَ كثيراً مَا دَفعُوا الثَمَن غالِياً مِن عَمَليّات اعتِدَاء وَ اختِطَافات و حتّى اغتِيالاَت إلَى اليَوم،في فِلسطين وَ العِراق وكولومبيا وَ الصّين....
لِهَذَا السَّبَب كَانَ يُحكَى دَائماً عَن "السُّلطَة الرّابِعَة"،وَ هِي التي كَانَت مَوضُوعَة بِتَصرُّفِ المُوَاطِنين بِفضلِ الحِسِّ المَدَني للإعلاَم ،مِن أجلِ الإنتِقَادِ وَ الرّفضِ لأيِّ قَرَارَات غَيرِ شَرعيَّة ،يَمكِنُ أن تُمثِّلَ جَوراً وَ ظُلماً بِحقِّ انَاسٍ أبرِيَاء...

وَ هُنَا تَدقُّ عَلَى مَسامِعِنَا أسئِلَةٌ مُهمَّة:
تُرىَ هَل مَازَالَت "السّلطَة الرَّابعَة" صَوتَ الذينَ لاَ صَوتَ لَهُم؟؟
وَ هَل يَصُحُّ لَنَا إلَى الآن نَحنُ مَعَاشِرَ الشُّعوُب أن نُسمّيهَا كَذَلِك؟؟
أم أنَّهَا قَفَزَت كَسَابِقَاتِهَا إلَى الضِفَّةِ الأخرَى؟؟
يَقُوُلُ "إغناسيو رموني"في دِرَاسَتِه:
"مُنذُ مَا يُقارِبُ الخمسَةَ عشرَةَ عَاماً وَ مَعَ تَسَارُعِ وَتيرَةِ العَولَمَةِ الليبرَالِيَةِ،أفرِغَت هَذِهِ "السُّلطَةُ الرّابِعَة"مِن مَضمُونِهَا وَ فَقَدَت شَيئاً فَشيئاً وَ ظيفَتَهَا الأساسيَّة كَسُلطَة مُضَادَّة".
وَ إن أسقَطنَا هَذِه الفِكرَة عَلى العَالَم العربي،فإنّهَا لَن تَلقى أدنَى مُحَاوَلَةٍ للإنكَار ،بَعدَما أثقِلت الصّحَافَة عِندَنَا بِكلِّ أنوَاعِهَا بِمُحرَّكَات شَحنِ تَشحذُ الشّعبَ بشَرارَات مِن الفِتَن ،كَافيَةِ لِجَعلِه مَصعوقاً لِأجيَالٍ وَ أجيَال..
يَقوَل الدكتوُر "نبيل علي" أنَّ إعلاَمَنَا العَرَبي يَعيشُ صَدمَةً إعلاَميَّةً عَلىَ مُختَلَفِ المُستَويَات السيَاسيَّة والتنظيميَّة وَ الفَنيَة،وَ يَرَى في كِتَابِهِ )الثقَافَة العَربيَّة وَ عَصر المَعلُومَات( [ص345]:
"إن الإعلاَم العَربي يَحمِلُ في جَوفِهِ تَنَاقُضاً جَوهرِياً يَكمُن في حَيرَتِه بَينَ رسَالَة الإعلاَمِ وَ هَوَى الإعلاَن،وَ بَينَ مُرَاعَاةِ مَصَالِحِ الحُكَّامِ وَ الحِرصِ عَلَى مَصلَحَةِ المَحكُومينَ،وَ مَا بَينَ غَايَاتِ التَنمِيَة الإجتِمَاعيّة وَ مَطَامِع القِوَى الإقتِصاديّة التي تُعطي الأولويّة للإعلاَم التَّرفيهي لاَ التَّنموي".
وَ يُكمِلُ الدكتور"نبيل علي" تَشخيصَهُ لِحَالِ الإعلاَم العَربي قائلاً:
"وَ هَل هُنَاكَ تَنَاقُضٌ أكثَرُ حِدَّةً وَ سُخريَّةً بَين مَا يُنتَظَرُ مِنَ الإعلاَم أن يَكُون وَسيلَةً للترَابُط الإجتِمَاعي ،نَجِدُهُ وَ قَد استُخدِمَ مِن أجلِ إشَاعَةِ التعصُّبِ وَ العَصبيّة ،وَ التفرِقَة الطبقِيَّةِ وَ العُنصٌريّة،وَ تَنمِيَةِ نَزَعَاتِ الكُرهِ بينَ النّاس".
وَ يَكفينَا مِثالاً في هَذا المَقَام يُسكِتُ كلِّ هاتِفِ بِعَدالَةِ "السُّلطَة الرّابِعَة"،وَ يُقعِدُ كُلَّ متشبث بتَلاَبيبِهَا،الفِتنَة التي اشتَعلَت بَينَ مِصر وَ الجَزَائر ،وَالتي أذكَى نَارَهَا بِجَدَاَرَة الإعلاَم العَربي ،وَ التي مَازِلنَا إلى الآن نَختنِقُ بِدُخَّانِهَا المُتَصاعِدِ مِن رَمَاد أخوَّتِنَا..

*تَفَلُّتُ سُلطَة...وَ تَفتُّقُ أخرَى:


مِن خِلاَلِ كلِّ مَا نُعَايشُهُ مِن إنقِلابَات في المَوازين،وَ إختِلاَلات في المَفَاهيِم،صِرنَا نَفقَهُ جيِّداً أنَّ كُلَّ مُصيبَةٍ تَحطُّ فَوقَ حُقولِنَا مَاهِيَ إلاّ بِسبَبِ تَلوُّثِهَا بِقذَارَة العَولَمَة.
وَ مِن هُنَا يَستَنتِجُ "اغناسيو رموني"أن العَولَمَةَ هِيَ أيضًا عَولَمةُ وسَائلِ الإعلاَم ،وَ في سِياقِ اهتمامها بِتَضخيمِ حَجمِهَا وَ اضطِرَارِهَا لِمُغَازلَةِ السُّلُطَاتِ الأخرَى فإنَّ هّذِهِ الشّركَات الكَبيرَة لاَ تَضَعُ نُصُبَ أعيُنِهَا هَدَفاً مَدَنياً يَجعَلُ مِنهاَ "سُلطَةً رابِعَة"مُضادَةً لِتجَاوُزات النِّظاَم السِّياسي.


وَ يُضيفُ قائلاً:
"وَ حتّى وَ إن تَسنَّت لَهَا الظروُف أن تُشكِّلَ "سُلطَةً رَابِعَة"فإنَّهَا تُضَافُ إلَى السُّلُطَاتِ القَائمَة مِن سِيَاسيَّة وَ اقتِصَاديَّة ،وَ تَسحَقُ بدَورِهَا المُواَطنينَ كَسُلطَةٍ إعلاَمِيّة".
وَ مِن مُنطَلَقِ هَذِهِ الحَقيقَةِ تتَدَاعىَ إلَى اللِّسَان حُزمَةٌ أخرَى مِنَ الأسئلَة:
أمَا وَ قَد عَلِمنَا بِخِياَنةِ هَذِهِ السّلطَة ،وَ انتَقَالِها بقدِّهَا وَ قِدِّيِدِهَا إلى المُعسكَر المُعَادي،فَكَيفَ لَنَا أن نَبقىَ واَقفينَ في حَقلِ الرِّمَايَة ؟؟
وَ هَل الحلُّ هُنَا هُو أن نُجدِّدَ الثقَةَ بِهَذِهِ السُّلطَة بَعدَ أن نُحسِن اختِيَار مَالِكِيهَا ؟؟
وَ حتَّى وَ إن ضَمَنَّا نَزَاهَة المُختَارين، فَهَل هَؤلاَء سَيَتمَكّنُونَ وَ حدَهُم مِنَ الصّمُود ضِدَّ تَيّارِ الملاَّكِ الآخَرين ؟؟
وَ هَل سَيُحدِثُونَ فَرقاً رَغمَ نُدرَة مَوَارِدِهِم وَ يُعيدُون الكَفّةَ إلَى جاَنبِناَ؟
أم أنَّ الحلَّ هُنَا هُو المُجَازَفَة بِتَرويضِ سُلطةٍ خَامِسَة تَكونُ مِنَّا وَ بِنَا ومِن أجلِناَ ؟؟
لَكن !!
أتُرَاهَا تَملِكُ القُدرَةَ الكَافِيَةَ لامتَصَاصِ مَدِّ السّلُطَاتِ الأخرَى ؟؟
أم أنّهَا سَتكُونُ فَقَط صُندوقَ أمنيَاتٍ في سِردَاب هَزَائمِنَا؟؟
..
..
يتبع

3 التعليقات:

Fayçal يقول...

مواطنوا السلطة الرابعة هاجروا للخامسة على أمل أن لا يقدموا على هجرة أخرى!
بارك الله فيكم أختي.

10 أغسطس 2010 في 6:01 ص
رَنيم الصّمت يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
رَنيم الصّمت يقول...

لاَ لَن يَكُونَ هُنَاكَ هِجرَة مَادَامَت السّلطَة هُنَا في يَد المُواطن مُباشَرَة دونَ أي تفويض قَد يَخونُنَا في أيّ لَحظَة...
وَ فيكُم بَاركَ الله..

13 أغسطس 2010 في 10:03 ص

إرسال تعليق